عندما سيتجاوز النازحون السوريون المليونين
د.نسيب حطيط
اعترفت مفوضية الامم المتحدة للاجئين ان عدد النازحين السوريين قد تجاوز ال500الف نازح، ماعدا المسلحين في الشمال و البقاع او المعارضين غير المصرح عنهم،يضاف اليهم العمال السوريون البالغ عددهم حوالي ال500الف عامل ،يغذيهم التدفق اليومي غير المراقب، واذا استمرت الاحداث السورية ,وتوسعت رقعة الاشتباكات ولم ياخذ لبنان اي اجراءات تنظم و تحدد تدفق النازحين بشكل يحمي النازحين و اللبنانيين ويؤمن العيش الكريم لهم وتأمين حاجاتهم وفق قدرات لبنان الاقتصادية و الديمغرافية ،فإن الأشهر القادمة سترفع اعداد النازحين السوريين بما يتجاوز المليونين مع اكثر من نصف مليون فلسطيني و حوالي 200 الف خادمة اجنبية و غيرهم من الجنسيات اي سيكون في لبنان 3 ملايين اجنبي مقابل اربعة ملايين لبناني ،بما يشبه واقع دول الخليج الذي يتجاوز عدد العاملين الاجانب فيها عدد المواطنين الاصليين والذين يمكن تسميتهم في المستقبل (الخليجيين السمر) كما صرح قائد شرطة دبي ،مع فارق جوهري أن العمال الاجانب في دول الخليج ليسوا مسلحين و ليسوا من الجاليات العربية فاكثرهم من الهند و الفيلبين و شرق اسيا،و تستطيع القوى الامنية لهذه الدول ترحيلهم او القاء القبض عليهم فلا يملكون الحصانة والسلاح الذي يملكه الفلسطينيون في المخيمات و لا السلاح والحصانة التي يمتلكها النازحون السوريون بعنوان "المعارضة السورية" فمنهم من يرتكب جرائم جنائية من قتل و سرقة ولاتستطيع الدولة اللبنانية محاكمته او سجنه لأن بعض الاطراف اللبنانية ولأسباب مذهبية وسياسية تحمي هؤلاء،وتتجاهل ان المجرم او السارق لن يكون "مذهبيا" بل سيسرق او يقتل من اجل مايريده .
لقد خضع موضوع النازحين السوريين لمزايدات إنسانية و للكيد السياسي دون دراسة لإمكانية إستقبال هؤلاء الإخوة النازحين بما يحفظ كرامتهم و يؤمن حاجياتهم ويبعدهم عن الإستغلال الأمني لبعض المتطرفين والتكفيريين ,و البعض تعامل بشكل إنفعالي و عاطفي و كأن المشكلة في سوريا لحظة عابرة وليست خطيرة وقد تطول، فمن إستضاف عائلة في بيته شهرا فهل يستطيع إستضافتها سنة أو سنتين؟!
و إذا سكنت عائلة في خيمة في أرض عراء و دون خدمات صحية أو بيئة ملائمة فهل تستطيع هذه العائلات الصمود في ظروف البرد و الحر و الرياح؟
هل يستطيع لبنان تحمل أعداد من النازحين الذين سيفتشون عن لقمة العيش لحفظ كرامتهم عبر العمل المؤقت الذي سيغرق لبنان بالبطالة على مستوى العمال السوريين و اللبنانيين....و هل يستطيع لبنان تحمل دعم للنازحين السوريين منفردا!
لقد قرر العرب مساعدة النازحين السوريين و الفلسطينيين في لبنان... فهل دفعوا ماعليهم وهل وصلت المساعدات العربية وهل تكفي!
المشكلة الأخطر... ماذا لو كان إغراق لبنان بالنازحين السوريين مخططا خبيثا من قبل بعض الإستخبارات الأميركية و العربية التي توجه النازحين إلى لبنان و تمنعهم من النزوح الى تركيا والأردن وذلك بهدف إغراق لبنان بالنازحين لإستعمالهم في لحظة ما بعد تحريضهم مذهبيا و طائفيا خاصة ضد من يخالفهم الرأي بشأن الأحداث في سوريا, وإرباك المقاومة في لبنان و إستخدام لغة مذهبية بعدما تكررت تهديدات ما يسمى الجيش السوري الحر بتسليح النازحين السوريين ضد المقاومة في لبنان وإستعانة بعض الأطراف اللبنانية ببعض الجهات الفلسطينية لدعمها في أي معركة ضد المقاومة مع لبنان كما حدث في المخيمات الفلسطينية في سوريا.
ملف النازحين السوريين قنبلة موقوتة ستنفجر عندما يشعلها من إفتعل الأحداث في سوريا و ومن يمول المعارضة المسلحة, و سيوظف النازحين المظلومين في المشروع السياسي للسيطرة على لبنان عبر الفتنة المذهبية ليتجاوز إختلال موازين القوى العسكرية التي لا زالت لصالح المقاومة و حلفائها في لبنان.